بيومها العالمي.. "صحافة اليمن" ترزح تحت نيران الحرب والخراب
يحتفل به 3 مايو من كل عام
كواحدة من أسوأ بيئات العمل الصحفي، يقف اليمن على حافة هاوية سحيقة منذ 8 سنوات، بلغت مستويات لم يسبق لها مثيل في المنطقة العربية.
وتحتفل الأمم المتحدة، باليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 مايو من كل عام، لتسليط الضوء على التحديات المتصلة بوسائل الإعلام والتهديدات التي تقوض ثقة الجمهور نتيجة الرقابة والهجمات على الصحفيين.
ومرارا دعت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والصحافة، كافة أطراف الصراع في اليمن بوقف التهديدات والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون في البلد العربي المأزوم.
وشكل عام 2022 واحدا من أسوأ الأعوام على حرية الصحافة وسلامة الصحفيين حول العالم، وذلك بعدما سجل أرقاما قياسية لم ترصدها المؤشرات منذ نحو 30 عاما مضت.
وفي يناير الماضي، وثقت نقابة الصحفيين اليمنيين، في تقريرها السنوي لعام 2022، جملة من الانتهاكات الخطرة التي طالت حرية الرأي والتعبير، كاشفة عن استمرار المخاطر المحدقة بالصحافة والصحفيين في بيئة إعلامية غير آمنة وعدائية في كل اليمن.
ورصدت النقابة 92 حالة انتهاك، بينها واقعتا قتل، طالت وسائل إعلام وصحفيين ومصورين، توزعت بين اعتداءات وتوقيفات ومحاكمات واحتجاز وتهديد وتحريض ضد صحفيين، وتعذيب وحرمان المعتقلين من حق الرعاية الصحية، إلى جانب مصادرة المقتنيات وقطع المرتبات الشهرية وغيرها.
وفي إبريل 2022، حذرت النقابة في بيان آخر من تدهور أوضاع الصحفيين اليمنيين، خاصة في ظل استمرار انقطاع الرواتب عن المؤسسات الصحفية الحكومية وتدني مستوى الأوضاع المعيشية في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي.
وفي تقديرات غير رسمية، قالت منظمة حقوقية دولية إن ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران قتلت 49 شخصاً من الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام باليمن خلال سنوات الحرب.
فيما رصدت منظمة "رايتس رادار" (غير حكومية، مقرها هولندا) تعرض حرية الصحافة لنحو 1500 انتهاك من قبل جماعة الحوثي وبقية الأطراف السياسية، وذلك خلال فترة الحرب الممتدة من سبتمبر 2014 إلى مارس 2022.
وأوضحت المنظمة أن إجمالي الانتهاكات التي وثّقتها ضد الصحفيين والمصورين بلغ 1465 حالة انتهاك، تنوعت بين القتل والإصابة والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، إضافة إلى التدمير الجزئي أو الكلي للمؤسسات الإعلامية والاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة، خلال الفترة ذاتها.
فيما تشير بيانات حقوقية يمنية إلى أن ميليشيا الحوثي تزج بأكثر من 12 صحفياً في معتقلاتها السرية، بينهم 4 مهددون بالإعدام، فيما لا يُعرف مصير صحفي واحد على الأقل منذ 2015 إثر اختطافه.
خصوم وأعداء
بدوره قال نقيب الصحفيين اليمنيين السابق بعدن محمود ثابت، إن بيئة العمل في بلاده تمر بظروف شديدة التعقيد والصعوبة والخطورة، إذ يعيش الصحفيون في ظل حرب ضروس تدخل عامها الثامن لم يدفع ثمنها سوى الشعب اليمني.
وأوضح ثابت في تصريح لـ"جسور بوست" أن الأوضاع الحالية في اليمن أهدرت آدمية الصحفيين وانتهكت كافة الأعراف والمبادئ المهنية، لا سيما بعد أن وصل الأمر إلى قتل عدد كبير من الصحفيين.
وأضاف: "المثير في الأمر أن اضطهاد الصحفيين في اليمن لم يعد قاصرا على طرف واحد بل وقع من كل أطراف الحرب، حيث تعامل الجميع مع الصحفيين والمصورين كخصوم وأعداء، ما أدى إلى وقوع مئات الانتهاكات".
وتابع: "تم رصد مئات الاعتقالات والاختطافات والملاحقات الأمنية، إضافة إلى إغلاق وتوقف قرابة 150 وسيلة إعلامية ومكاتب وسائل إعلام خارجية وشركات إعلامية وغيرها من صنوف الانتهاكات القمعية".
وقال: "إن حال الصحافة في اليمن أصبح يرثى له بعد حالة التمزق التي يعيشها الوسط الصحفي، وهو ما جعل الوضع أكثر سوءا، ففي ظل غياب مساحات حرية التعبير والرأي والتسامح بين المجتمع وعدم السماح للصحفيين بممارسة نشاطهم في مؤسساتهم الإعلامية".
صحفيون مهددون
وفي أواخر عام 2022، قالت منظمة العفو الدولية (غير حكومية، مقرها لندن)، في تقرير، إنه يجب على الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أن تضع حدًا لمضايقاتها وملاحقتها القضائية للصحفيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بما في ذلك في محافظتَا تعز وحضرموت.
وأدانت المنظمة قيام السلطات اليمنية بملاحقة 3 صحفيين قضائيًا لنشرهم محتوى ينتقد المسؤولين والمؤسسات العامة في البلاد، فيما تم استدعاء صحفي آخر لاستجوابه بشأن منشور على فيسبوك انتقد فيه أسعار بيع النفط.
وأكد التقرير أن الصحفيين اليمنيين يواجهون اتهامات ملفقة، قد تعرضهم لعقوبة السجن لمدة تصل إلى 3 سنوات على الأقل في حال صدور حكم ضدهم.
بدورها قالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية بالنيابة ديانا سمعان: "ينبغي ألّا يُعامل الصحفيون اليمنيون كمجرمين لمجرد انتقادهم المؤسسات الحكومية والموظفين العموميين".
وأوضحت: "كان هؤلاء الصحفيون يقومون بعملهم فقط، ومن المفترض أن تكون قدرتهم على التعبير محمية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتقع على عاتق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا مسؤولية احترام حرية التعبير، وعليها إسقاط جميع التهم المسندة إليهم".
وأضافت سمعان: "يجب على الحكومة اليمنية أن تضع حدًا فوريًا لمضايقاتها وملاحقتها القضائية للصحفيين وأن تحترم حقهم في حرية التعبير".
وتابعت: "يمكن أن تبدأ هذا المسار بالتخلي عن ممارسة استدعاء النشطاء والصحفيين إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية، ووضع حد لإساءة توظيف القوانين المتعلقة بالتشهير الجنائي والأمن القومي لقمع المعارضة".
ومضت قائلة: "يجب على الحكومة أيضًا أنّ تجعل التشريعات الوطنية التي تحد من الحق في حرية التعبير متوافقة مع المعايير الدولية".
وعادة ما ينتهك استخدام قوانين الحفاظ على الأمن القومي أو قوانين التشهير بغرض إحداث تأثير يؤدي إلى منع الانتقاد المشروع للحكومة أو الموظفين العموميين الحق في حرية التعبير.
ويخلو القانون اليمني من تحديد تعريف الأمن القومي والنظام العام تحديدًا دقيقًا، للحيلولة دون التفسير والتطبيق الفضفاضَيْن أو المسيئَيْن.
ويعود تاريخ اليوم العالمي لحرية الصحافة إلى مؤتمر عقدته اليونسكو في ويندهوك في 3 مايو عام 1991، ويأتي الاحتفال العالمي به لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، إلى جانب المناقشة حول قضايا أخلاقيات المهنة والدفاع عن وسائل الإعلام من الاعتداءات على استقلالها.